تخوفات من انخفاض كميات الذهب الخام بالأسواق بعد استهلاكها فى السبائك والجنيهات

أدى ارتفاع الطلب على شراء السبائك والجنيهات الذهبية؛ لسحب كميات كبيرة من خام الذهب فى مصر، فيما أكد عدد من العاملين فى القطاع، أن استمرار هذا الأمر سيؤثر على انخفاض حجم ما تمتلكه مصر من الخام، فى ظل ضعف القدرة على تعويضه فى التوقيت الراهن، كما يلحق الضرر بصناعة المشغولات الذهبية التى كان يعول عليها فى تحقيق قيمة مضافة للصناعات التعدينية بدلا من تصدير الذهب فى صورته الخام.


وعلى مدى الشهور الماضية، انتعش الطلب على شراء الذهب للتحوط من تقلبات أسعار الصرف، وما يتبعها من انخفاض قيمة المدخرات للأفراد، وتركز شراؤه فى السبائك والجنيهات التى تتشكل مباشرة من الخام دون قيمة مضافة، ما يجعل قيمة مصنعيته أقل وهو الأمر المحفز للمستثمرين الراغبين فى الاستثمار بالمعدن الأصفر، عن المشغولات الذهبية التى يفرض عليها مصنعية كبيرة تخصم عند إعادة البيع.


يقول سامح عبدالحكيم، عضو شعبة الذهب والمجوهرات باتحاد الغرف التجارية، إن السبب الرئيسى فى ارتفاع أسعار الذهب حاليا بالأسواق وتسجيلها أرقاما قياسية غير مسبوقة، هو الإقبال الكبير على شراء الجنيهات والسبائك وليس المشغولات الذهبية.


وأضاف أن الإقبال الكبير على شراء السبائك والجنيهات الذهبية يؤدى لاستهلاك المادة الخام مباشرة وصعوبة تعويضها، فى ظل ما تفرضه الحكومة من قيود على استيراد خام الذهب من الخارج للحفاظ على العملة الصعبة وعدم خروجها من البلاد، بالإضافة إلى الصراع فى السودان والتى كان يدخل من خلالها كميات من خام الذهب بطرق غير رسمية، تساعد فى تلبية الطلب المحلى.


وتابع أن خام الذهب كان متوفرا فى الأسواق بصورة كبيرة طوال الشهرين الماضيين، لذلك لم تحدث ارتفاعات كبيرة فى أسعار الذهب، وكانت العوامل التى تتحكم فى سعره، هى سعر الأوقية عالميا وسعر الدولار مقابل الجنيه، ولكن بمجرد ما بدأ السحب عليه بشراء السبائك والجنيهات الذهب وجدنا ارتفاعات تصل إلى 300 و400 جنيه فى الجرام.


وأضاف «عبدالحكيم»، أن الطلب المرتفع على خام الذهب لصناعة السبائك والجنيهات، دفع كثير من المصانع فى السوق المحلية لتحقيق قيمة مضافة للصناعة بدلا من تصدير الذهب فى صورته الخام، مشيرا إلى أن صناعة السبائك لا تحقق أى إضافة للاقتصاد الوطنى وتؤثر سلبا على صناعة المشغولات، حيث المصنع الذى ينتج 100 كيلو سبائك من الممكن أن يقوم على تشغيله 10 إلى 15 عاملا، بينما المصنع الذى ينتج نفس الحجم كمشغولات يحتاج إلى من 300 إلى 400 عامل.


وكانت وزارة التموين قدمت تسهيلات طوال الفترة الماضية لتصدير المشغولات الذهبية، من بينها اعتماد الدمغة الليزر بدلا من التقليدية لعدم تشويه المشغولات وإلغاء رسم التثمين، وبعدها جرى تنفيذ أول شحنة تصديرية لمشغولات ذهبية عيار 21 للسوق السعودية.


وأعلنت شعبة الذهب والمجوهرات باتحاد الغرف التجارية فى مؤتمر صحفى بداية شهر مايو، عن تقديم مقترح للحكومة بالسماح لاستيراد المصريين القادمين من الخارج 150 جراما معفاة من الجمارك، وصفها عبدالحكيم، بأنها «محاولة لتعويض كميات الذهب التى تم استهلاكها فى صناعة السبائك والجنيهات بالسوق المحلية».


من جانبه يقول عمرو المغربى، عضو مجلس إدارة شعبة الذهب باتحاد الغرف التجارية، إن تكالب المستهلكين على شراء السبائك والجنيهات أضر بالمصانع والورش الخاصة بصناعة المشغولات الذهبية بنسبة كبيرة جدا؛ حيث جعل المادة الخام غير متوفرة لاستخدامها فى تلك الصناعة.


وأضاف أن سبب زيادة الطلب على السبائك والجنيهات هو قلة «المصنعية» مقارنة بالمشغولات الذهبية، ما يجعل المستهلك يستغنى عن قيمة الزينة التى تضيفها المصوغات ويكتفى بتخزين الذهب فى صورته الخام فقط، موضحا أن ذلك الاتجاه أدى إلى تأثر مصانع المصوغات بشكل كبير، قائلا «هناك ورش صغيرة تتوقف عن العمل فى أوقات كثيرة بسبب الركود فى قطاع المشغولات».


وكانت الشعبة العامة للذهب اقترحت خلال مؤتمر صحفى عقدته بداية الأسبوع الحالى، عمل مبادرة تهدف إلى وضع خصومات وتخفيضات على المصنعية المفروضة على المشغولات الذهبية لمدة شهر لتنشيط مبيعاتها على حساب السبائك والجنيهات، ولكنها لم تحدد حتى الآن موعد بدء المبادرة.


ويرى المغربى أن هذا الاقتراح يساهم فى توازن نسبة الطلب بين السبائك والمشغولات فى وقت المبادرة، ما سيؤدى إلى عودة العمل بشكل طبيعى إلى حد ما فى المصانع والورش لحين ضبط السوق وهدوء عمليات الشراء الكثيفة الحالية التى تؤدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل جنونى يوميا.


قال ياسر سعد، أحد أصحاب محلات الذهب فى الجيزة، وصاحب ورشة للمصوغات، إن ارتفاع أسعار الذهب للمستويات الحالية أدى لتراجع عدد الجرامات المباعة على شكل مشغولات ذهبية بنسبة تقترب من 70% تقريبا.


وأضاف أن نسبة كبيرة من المستهلكين المقبلين على الزواج يخصصون مبلغا ماليا لشراء «الشبكة»، فإذا كان يخصص 50 ألف جنيه على سبيل المثال، فهذا المبلغ لا يقدر على شراء سوى 17 أو 18 جراما فقط من الذهب مقارنة بـنحو 45 جراما العام الماضى.


وأشار إلى أن تراجع مبيعات المشغولات أدى إلى توقف العديد من الورش، موضحا أن المحل يعطى الذهب الخام للورشة أو المصنع لصناعته على شكل مشغولات، ومع الوضع الحالى أصبح المحل يبيع الذهب الخام فى شكل سبائك إلى العميل مباشرة نظرا لزيادة الطلب عليه من قبل المستهلكين.


ويرى سعد أن حالة الركود فى قطاع المشغولات أدت إلى عدم ارتفاع سعر المصنعية رغم زيادة التكاليف ومعدلات التضخم بشكل عام إلى مستويات قياسية، لافتا إلى أن قيمة المصنعية على مشغولات عيار 21 مازالت تتراوح بين 70 و120 جنيها للجرام الواحد، بينما تتجاوز قيمة المصنعية فى جرام عيار 18 الـ200 جنيه.